علاج ارتفع الضغط وانخفض

ضغط الدم المرتفع 
يصنف ارتفاع ضفط الدم على أنه واحد من المشكلات الصّحية الخطيرة التي تهدد حياة الإنسان، إذ يعاني منها فئة كبيرة من الأشخاص حول العالم، وخاصة الكبار في السن، وتحديدًا الذين تجاوزت أعمارهم سن الأربعين عام، وينتج عن العديد من العوامل والأسباب، بما في ذلك الإصابة بالنوبات القلبية، والسكتة الدماغية، والفشل الكلوي، ويرافقه جملة من المضاعفات المزعجة، علمًا أنّ هناك العديد من العلاجات التي تضمن التخفيف من حدة هذه المشكلة، على رأسها الماء، الذي سنستعرض دوره في هذا الجانب، إضافةً إلى أبرز العلاجات والنصائح الأخرى تفصيلًا. 
علاج ضغط الدم المرتفع بالماء 
يعتبر الماء الدافئ من أهم الطرق المساعدة على الحد من ارتفاع ضغط الدم، فقد أثبتت العديد من الدراسات أن ممارسة التمارين الرياضية في المياه الدافئة لها دور فعال على علاج المشكلة، ويكون ذلك خلال أسبوع واحد فقط، وذلك بفضل دوره في توسيع الأوعية الدموية، وتعزيز تدفق الدم في الجسم. 
أسباب ارتفاع ضغط الدم
 التدخين، إذ يعتبر من العادات السيئة التي تمارس يوميًا، ولها دور كبير في رفع مستوى ضغط الدم. 
زيادة الوزن والسمنة. 
نقص النشاط البدني، إذ إِنّ قلة الحركة تقلل من مستوى حرق الجسم. تناول كميات كبيرة من الأملاح، وذلك لأن الملح من المركبات الأساسية التي تزيد من حدة المشكلة، وخصوصًا عند الأشخاص المصابين أصلًا بضغط الدم المرتفع. الإصابة بمرض الكلى المزمن. تناول حبوب منع الحمل، بالإضافة إلى احتمالية تعرض المرأة الحامل لهذه المشكلة.
 تناول المأكولات التي تحتوي على نسبة عالية من الدهون والسعرات الحرارية. 
ممارسات لخفض ضغط الدم هناك العديد من الممارسات الصّحية التي يمكن اتباعها لضمان خفض معدّل ضغط الدم، وتشمل: الإنقاص من الوزن الزائد، وتحديدًا لدى الأشخاص الذين يعانون من السمنة. الإقلاع عن التدخين. اتباع نظام غذائي صحي، وتناول الفواكه، والخضار، إضافةً لاستهلاك منتجات الألبان قليلة أو خالية الدسم. التقليل من كمية الصوديوم أو الملح في النظام الغذائي إلى أقل من 460-920 ملل جرام يوميًا. ممارسة التمارين الرياضية لما يقارب النصف ساعة على الأقل في اليوم، وخصوصًا رياضة المشي. شرب كميات كافية من الماء خلال اليوم. الحد من العصبية والتوتر، وممارسة تمارين الاسترخاء. 
وصفات منزلية لخفض ضغط الدم الريحان: أثبتت الدراسات أن مستخلص الريحان يحد من ارتفاع ضغط الدم، ويكون ذلك من خلال إضافته إلى المعكرونة، والحساء، والسلطة. 
القرفة: من خلال تناوله على شكل حساء لذيذ يوميًا، فهو ينظم الضغط في الدم، إلى جانب فوائده الكثيرة الأخرى. 
الحبهان: بطحن الحبهان ناعمًا، وإضافته إلى المأكولات بمختلف أنواعها، وتناوله يوميًا، للحصول على نتيجة أفضل.
 الثوم: يعتبر من أفضل المواد الطبيعية التي يمكن استخدامها لهذا الغرض، فهو ينظم الدورة الدموية في الدم، بالإضافة إلى أنه يعزز من استرخاء الأوعية الدموية. 
بذور الكرفس: تعتبر من أقدم العلاج التي استخدمت في حالة ضغط الدم المرتفع، وتحديدًا في الصين، وذلك لما تتمتع به من خواص مدرة للبول.
انخفاض ضغط الدّم
يضخ القلب مع كل نبضة الدم للأوعية الدموية، ويشكل هذا الضخ ضغطًا من الدم على جدران الشرايين يعرف بضغط الدم، ويمكن أن يعد ضغط الدم منخفضًا في أغلب الأحيان عندما تكون قراءة الضغط أقل من 90/60 ملليمتر زئبقي، بينما يعد ضغط الدم طبيعيًا عندما يكون أقل من أو يساوي 120/90 ملليمتر زئبقي، وفي هذه القراءات يشير الرقم الأعلى لضغط الدم في الفترة التي يضخ بها القلب الدم للأوعية الدموية، إذ يكون بطين القلب منقبضًا فيها، ويُسمّى هذا بضغط الدم الانقباضي، بينما تشير القراءة الأصغر إلى فترة انبساط عضلة القلب لاستقبال الدم من الأوردة الدموية، وتسمّى بضغط الدم الانبساطي، وليس من الضروري أن يتسبب هبوط ضغط الدم بحدوث أعراضٍ ظاهرة دائمًا على المصاب، وقد لا يتوفر العلاج المناسب للتعامل مع مشكلة هبوط ضغط الدم إلا عند ظهور أعراض المرض على المصاب، وتتضمن أبرز هذه الأعراض كل من الشعور بالدوخة، أو عدم وضوح الرؤية، أو الشعور بالضعف، أو الارتباك، أو حتى الإغماء، تظهر العديد من الأعراض عند انخفاض ضغط الدم عن مستواه الطبيعي، وعادةً ما يشير انخفاض ضغط الدم على وجود مشاكل صحية لدى الشخص، لذلك لا بد من مراجعة الطبيب عند حدوث هذه الحالة، لعلاجها وتجنب حدوثها مرةً أخرى.[١][٢] أسباب انخفاض ضغط الدم
تختلف قراءة ضغط الدم خلال اليوم، وتختلف القراءات أيضًا عند تغيير وضعية الجلوس، أو عند التوتر، أو عند ممارسة نشاطات معينة، وتختلف أيضًا باختلاف طبيعة الأكل والشرب، أو عند تناول أدوية معينة، وفي الليل  يكون ضغط الدم أقل ما يمكن خلال اليوم عادةً، ثم يبدأ الضغط بالارتفاع عند الصباح، وتوجد العديد من الأسباب المؤدية لانخفاض ضغط الدم، ومن أهم الأمثلة على هذه الأسباب نذكر ما يلي:
1- وجود مشاكل في القلب: تسبب بعض مشاكل القلب انخفاض ضغط الدم، ومن هذه المشاكل وجود اضطرابات في صمامات القلب، والذبحات الصدرية، وفشل القلب، وتباطؤ معدل نبضات القلب.
2-وجود مشاكل في الغدد الصماء: تسبب اضطرابات الغدة الدرقية أو اضطرابات الغدد جارات الدرقية انخفاضًا في ضغط الدم، كما قد ينتج انخفاض ضغط الدم عن الإصابة بالسكري، أو انخفاض مستويات السكر بالدم، أو قصور الغدة الكظرية المعروف باسم مرض أديسون.
3- الجفاف: يحدث الجفاف نتيجة نقص السوائل والماء في الجسم، ويسبب ذلك العديد من المشاكل، كالتعب والهزلان، وقد ينتج عن الاستخدام المفرط لمدرات البول، أو ممارسة التمارين الرياضية الشديدة، أو الإصابة بالإسهال، أو التقيؤ الشديد، وغيرها من الأسباب. ويوصى بتناول 8 - 10 أكواب من المياه يوميًّا للأشخاص الطبيعين وليس الرياضيين أو الأشخاص المعرضين لدرجات حرارة مرتفعة، إذ يوصى هؤلاء بتناول كميات أكبر من المياه لتجنب الجفاف.
4-النزيف: يؤدي النزيف إلى فقدان الكثير من الدم، نتيجة الإصابة بجروح أو التعرض لحادث، وقد يكون هذا النزيف داخليًا أو خارجيًا، وينتج عن ذلك انخفاض في ضغط الدم.
5-تسمم الدم: يعرف تسمم الدم بأنه عدوى خطيرة تدخل مجرى الدم، كما وتدخل هذه العدوى البكتيرية إلى أماكن أخرى من الجسم، مثل: الرئتين، والجلد، وسرعان ما يصبح تسمم الدم خطيرًا على الحياة، ويجب أن يعالج في المشفى، ففي حال تركه دون علاج قد يؤدي إلى إنتان الدم، ويسبب الإنتان التهابًا في جميع أجزاء الجسم، ويمكن أن يؤدي هذا الالتهاب إلى جلطات دموية ومنع وصول الأكسجين إلى الأعضاء الحيوية مما يؤدي إلى فشل هذه الأعضاء.
6-  اضطرابات التحسس الشديد: التي تحدث نتيجة التحسس من نوع معين من الأدوية أو من الطعام، أو من المطاط أو بعض الحشرات مُسبِّبة استجابة مناعية خطيرة، فقد تحدث مشاكل في عمل الجهاز التنفسي، والحكة وتورُّم الحلق، بالإضافة إلى انخفاض حاد بضغط الدم.
7-سوء التغذية: يؤدي نقص المعادن والفيتامينات الضرورية في الجسم، أهمها فيتامين ب12 وحمض الفوليك إلى نقص في تصنيع خلايا الدم الحمراء، وبالتالي فقر الدم.
8- تناول بعض الأدوية: يساهم تناول بعض الأدوية إلى حدوث هبوط بضغط الدم كأحد التأثيرات الجانبية المرافقة له،
ومن أهم هذه الأدوية ما يأتي:
-مدرات البول: ومن أمثلتها فيوروسيمايد (furosemide).
-حاصرات ألفا: مثل برازوسين (prazosin).
-حاصرات بيتا: مثل أتينولول (atenolol). الأدوية المستعملة لعلاج الرعاش أو الباركنسون: مثل براميبيكسول (pramipexole).
-بعض مضادات الاكتئاب: وهي مضادات الاكتئاب ثلاثية الحلقات مثل ايميبرامين (imipramine).
-الأدوية المستعملة لعلاج ضعف الانتصاب: مثل سيلدينافيل (sildenafil)، خاصةً عند استعمال هذه الأدوية مع دواء النيتروجليسيرين (nitroglycerin).
-مسكنات الألم: قد تخفض بعض مسكنات الألم من ضغط الدم .
9- تغيير وضعية الجسم: قد يحدث انخفاض ضغط الدم عند بعض الأشخاص عند تغيير وضعيتهم؛ فمثلًا عند الوقوف ينزل الدم من الأعلى إلى الأسفل باتجاه الساقين بفعل الجاذبية الارضية، ويستجيب جسم الإنسان لذلك من خلال انقباض الأوعية الدموية لتقليل هذا التدفق نحو الأسفل، لكن في حال وجود اضطراب في انقباض هذه الأوعية الدموية لدى بعض الأشخاص، ينخفض ضغط الدم لديهم مُسبِّبًا الشعور بالدوخة، وتزيد احتمالية ظهور هذه الحالة عند الجلوس لفترة طويلة، أو في حالات الجفاف، كما تسبب بعض أدوية الضغط التي يتناولها مرضى الضغط هذه المشكلة.
10-التخدير: عادة ما يُخدر المصاب أثناء الخضوع لإجراء جراحي، مما يساهم في خفض تدفق الدم، وبالتالي هبوطه.
-تحفيز العصب المبهم: إذ يؤدي تحفيز العصب المبهم إلى ارتفاع في مستوى أستيل كولين في الجسم لينجم عن ذلك هبوط بضغط الدم، وعادةً ما يحدث ذلك عند السُعال أو بلع الطعام أو حتى عند الدخول للحمام والتغوط. انخفاض ضغط الدم الانتصابي، أو الوضعي: يحدث انخفاض حاد في ضغط الدم عند الوقوف من وضع الجلوس أو عند الوقوف بعد الاستلقاء؛ إذ تؤدي الجاذبية الأرضية إلى تجمُّع الدم في الساقين عند الوقوف، ويعوّض الجسم ذلك بزيادة معدل ضربات القلب وتصلب الأوعية الدموية، وبالتالي يضمن الجسم رجوع كمية كافية من الدم إلى الدماغ، ولكن ذلك لا يحدث للمصابين بانخفاض ضغط الدم الانتصابي، إذ تفشل آلية التعويض تلك وينخفض ضغط الدم، يؤدي ذلك إلى أعراض الدوخة والدوار وتشوش الرؤية وقد يحدث إغماء في بعض الحالات. وتوجد عدة أسباب لحدوث انخفاض ضغط الدم الانتصابي، بما فيها الجفاف، والاستلقاء على الفراش مدةً طويلةً، ومرض السكري، ومشكلات القلب، والحروق، والحرارة الزائدة، والدوالي كما أنّه من الممكن لعدد من الأدوية التسبب في انخفاض ضغط الدم الانتصابي، خاصةً العقاقير المستخدمة لعلاج ضغط الدم المرتفع كمدرات البول، وحاصرات بيتا، وحاصرات قنوات الكالسيوم، إلى جانب مضادات الاكتئاب والعقاقير المستخدمة لعلاج مرض باركنسون وخلل الانتصاب، ويُعدّ انخفاض ضغط الدم الانتصابي أكثر شيوعًا لدى كبار السن، لكن من الممكن أن يصيب صغار السن والأصحاء عند الوقوف فجأةً بعد الجلوس مع وضع الساقين فوق بعضهما لفترة طويلة أو بعد اتخاذ وضع القرفصاء لفترة طويلة.
11-انخفاض الضغط المرتبط بالأعصاب: ينجم عن خلل في إرسال الإشارات بين القلب والدماغ، مسببًا فشل القلب في القدرة على الحفاظ على مستوى ضغط الدم ضمن الحدود الطبيعية، ويعد انخفاض الضغط المرتبط بالأعصاب أكثر شيوعًا بين الشباب.
-انخفاض ضغط الدم بعد تناول وجبة الطعام: بالوضع الطبيعي يؤدي تناول الطعام إلى زيادة في تدفق الدم باتجاه الأمعاء بهدف المساعدة على عملية الهضم، ليترافق معه انقباض بالأوعية الدموية الموجودة في مختلف أنحاء الجسم للحفاظ على ضغط الدم ضمن المستوى الطبيعي، لكن وفي حالات معينة يحدث فشل في عملية انقباض الأوعية الدموية، خاصةً لدى الكبار بالسن أو الذين يعانون من مرض السكري، أو ارتفاع ضغط الدم أو مرض الباركنسون، لينجم عن ذلك هبوط بضغط الدم، وتجنبًا لحدوث ذلك يُنصح الأشخاص بضرورة الاستلقاء بعد تناول الطعام، ومحاولة تقليل كمية الوجبات المتناولة بالإضافة إلى خفض كمية الكربوهيدرات المستهلكة؛ إذ من المعروف كذلك أن البعض يعانون من هبوط الضغط أحيانًا بعد تناولهم لوجبات طعام كبيرة، خاصة تلك التي تحتوي على الكثير من الكربوهيدرات، ولقد أرجع الخبراء حدوث هذا الأمر كما ذكرنا سابقًا إلى تركز وجود الكثير من الدم في منطقة المعدة والأمعاء بعد الأكل
12-. انخفاض الضغط الحاد: يرتبط انخفاض الضغط الحاد بمعاناة الإنسان من الصدمة؛ فعندما يصاب بها، لا يصل الدم والأوكسجين بقدر كافٍ لأعضاء الجسم لأداء وظائفها بصورة صحيحة، لذا يمكن أن يشكل انخفاض الضغط الحاد خطرًا فعليًا على حياة الشخص إذا لم يتلقَ العلاج فورًا.
13-التعرض لتوتر عاطفي أو الشعور بالخوف، أو بعدم الامان، أو الشعور بالألم. وبالإضافة إلى هذا كله يرى خبراء آخرون أن بعض الأفراد يُصابون بهبوط ضغط الدم بسبب إصابتهم بضربة الشمس أو ما يُعرف بالانهاك الحراري، كما يُمكن لهبوط ضغط الدم أن يكون ناجمًا عن الإصابة بأمراض الكبد، أو تناول الكحول، أو بسبب انخفاض درجة حرارة الجسم، أو بسبب الإصابة بالحمى[٩]. أعراض انخفاض ضغط الدم عادة ما يحدث انخفاض ضغط الدم تدريجيًا ويتطور مع مرور الوقت، أما فقدان الدم فيؤدي إلى حدوث انخفاض مفاجئ لضغط الدم والذي يسبب فقدان الوعي، وتشمل
 أعراض انخفاض ضغط الدم ما يلي: الدوار، ويحدث عند تغيير الوضعية من الجلوس أو الاستلقاء إلى الوقوف. عدم الثبات. الدوخة. الضعف العام. عدم وضوح الرؤية. التعب والإعياء. قلة التركيز. الغثيان التعرض للعطش الشديد والجفاف. أما إذا ظهرت أي من الأعراض التالية على المريض يجب مراجعة الطبيب أو المستشفى، ومن هذه الأعراض:البراز الأسود أو الغامق جدًا.
ألم في الصدر.
الإغماء. ارتفاع درجة الحرارة أكثر من 38.3 درجة. عدم انتظام ضربات القلب. ضيق في التنفس.
الطرق العلاجية لانخفاض ضغط الدم
لا تحتاج بعض حالات انخفاض ضغط الدم إلى العلاج وخاصةً في حال عدم وجود أعراض أو تلف في الأعضاء، وعادة ما يقرر الطبيب وسيلة العلاج بناءً على السبب القائم وراء انخفاض الضغط،
وفيما يأتي أهم العلاجات وفقًا لمسببات الانخفاض:
 علاج الجفاف: يُعالج الجفاف بتلقي السوائل الفموية والمعادن في الحالات الخفيف دون وجود الغثيان أو القيء، ولكن في حالات الجفاف الشديد يُعالج الجفاف في المستشفى من خلال السوائل الوريدية. فقدان الدم: يُعالج ضغط الدم المنخفض في حالات فقدان الدم الناتج عن النزيف بإعطاء السوائل الوريدية وعمليات نقل الدم. الأدوية: يعالج الانخفاض الناتج عن بعض الأدوية بتقليل الجرعات أو تغييرها وفقًا لما يشير إليه الطبيب المختص.
عدم انتظام دقات القلب: يتعامل الطبيب مع هذه الحالة وفقًا لطبيعة عدم انتظام دقات القلب، فقد يعالج باستخدام الأدوية الفموية أو من خلال تعديل نظام القلب الكهربائي أو بعزل الوريد الرئوي.
تغيير النظام الغذائي: يمكن علاج انخفاض ضغط الدم في بعض الحالات بإجراء بعض التغييرات في النظام الغذائي مثل زيادة كمية الماء والملح، والحصول على المزيد الكافيين من خلال بعض المشروبات.
العلاجات الطبيعية: لم تثبت فعالية العلاجات الطبيعية بعد في حالات انخفاض ضغط الدم، ولكن توجد بعض الأعشاب التي تساعد في رفع ضغط الدم وفقًا لتجارب بعض الأشخاص والتي تشمل الزنجبيل، والروزماري، واليانسون، والقرفة، والفلفل، ومن الأفضل استشارة الطبيب قبل اتخاذ أي منها.
 إعطاء السوائل وريديًا وذلك للمصاب في حال كان هبوط ضغط الدم ناجمًا عن الجفاف أو التسمم أو النزيف وفقدان بالدم. تقديم بعض العلاجات التي من شأنها أن ترفع من ضغط الدم، ومن أهم هذه العلاجات ما يأتي: الأدوية المضادة للباركنسون.
 الهرمون المانع لإدرار البول. الستيرويد. مستقبلات ألفا-1 الأدرينالية. الطرق الوقائية لانخفاض ضغط الدم توجد العديد من الطرق الممكن اتباعها للعلاج والوقاية من انخفاض ضغط الدم،
ومن الأمثلة على هذه الطرق نذكر ما يلي: رفع مستوى الرأس عند النوم بوضع الوسائد أسفل منها. تجنب الجلوس لفترات طويلة أو الوقوف لفترات طويلة.
تجنب الشرب الزائد للكافيين، وخاصًة قبل موعد النوم.
 ممارسة التمارين الرياضية، إذ إنها تساعد في انتظام ضغط الدم.
شرب كميات كافية من الماء، وخاصًة عند الإصابة بالأمراض كنزلات البرد والإنفلونزا، وفي أوقات الجو الحارة.
 استهلاك ملح أكثر ضمن الكمية المسموحة.
 مراجعة الطبيب للتأكد من أن الأدوية التي يتناولها المُصاب لا تسبب انخفاض ضغط الدم. أخذ الحذر عند الوقوف أو الجلوس، وتعزيز مجرى الدورة الدموية قبل تغيير الوضعية، مثل تحريك الكاحلين عدة مرات عند الوقوف، وبعدها المشي ببطء، أو الجلوس على حافة السرير لبضع دقائق قبل الوقوف. تجنب رفع الأحمال الثقيلة.
 تجنب التعرض الطويل للمياه الساخنة، وفي حال الشعور بالدوار عند أخذ حمام ساخن يمكن وضع كرسي دائمًا في الحمام لتجنب السقوط نتيجة انخفاض الضغط في الحمام. تناول وجبات خفيفة متكررة خلال اليوم، مع تقليل الكربوهيدرات والإكثار من تناول الخضراوات والفواكه، والحبوب، والدجاج، والسمك الخالي من الدهون، وأخذ قسط من الراحة بعد الأكل.
ضرورة تجنب شرب الكحول لما يسببه من جفاف بالجسم، وبالتالي هبوط ضغط الدم. استخدام جوارب ضاغطة مرنة تغطي الفخذ، إذ إنها تساعد في تقليل تدفق الدم إلى أسفل الساقين عند الوقوف فجأة، وبالتالي لا يتأثر تدفق الدم في الجزء العلوي من الجسم، ولا يحدث انخفاض بضغط الدم. تجنب الشد الكبير عند استخدام الحمام.

«الخيانة الإلكترونية»... خطر جديد يهدد الحياة الزوجية في السعودية

حذّر اختصاصيون من ارتفاع نسبة الخيانة الإلكترونية بين الأزواج في السعودية أكثر مما هي عليه الآن، معتبرين أن تنوّع وسائل التقنية الحديثة وتطور الأجهزة الذكية وسهولة توافرها في أيدي أفراد الأسرة كافة تسهم في تعزيزها، مبيّنين أن الخيانة الزوجية باتت أقرب إلى كونها ظاهرة مقلقة في المجتمع وتتطلّب وضع الحلول العاجلة لها.
ولم تعد الخيانة تقتصر على رجل تعرف على امرأة وأضحى «يعاكسها» خلسة بعد منتصف الليل عبر الهاتف الثابت كما كان قبل عقود، فمنذ اقتحام وسائل التقنية الحديثة تفاصيل حياة الناس تغيّرت الحال وأصبحت مختلفة.
وتؤكد الاختصاصية النفسية في جامعة الإمام محمد بن سعود استشارية الأسرة زهراء حربان، أن الخيانة عبر وسائل التواصل الاجتماعي زادت حدتها خلال العامين الماضيين، مضيفة: «عادة ما تلجأ إليّ شابات صغيرات في بداية حياتهن الزوجية يطلبن الاستشارة ويشتكين خيانة أزواجهن المتكررة، إذ تنتابهن مشاعر الألم والحزن والانكسار جراء شعورهن بأنهن خدعن وظلمن من شركاء حياتهن، فمن أمثلة تلك الحالات التي صادفتها، امرأة لم يمضِ على زواجها سوى خمسة أعوام ولديها طفل، حاولت ثني زوجها عن خياناته المتعددة لكن من دون جدوى، إذ تبين لها أنه من مشاهير برنامج «كيك» وله العشرات من المعجبات والصديقات، ما يدفعه إلى السفر برفقتهن كل أسبوع، فضلاً عن الإجازات الصيفية التي يقضيها معهن، وحين واجهته زوجته بالأمر أنكر متذرعاً بأن سفره لإنجاز أعماله التجارية وصفقاته، بينما يغدق عليها بين الفينة والأخرى الهدايا تعويضاً لها عن خيانته، وفي آخر الأمر لم تتحمل وطلبت الطلاق».
وتروي حربان قصة امرأة ابتليت هي الأخرى بخيانة زوجها، موضحة أن الزوج دأب قبل الزواج على ممارسة العلاقات النسائية، ولم تتغيّر حاله بعد زواجه مفضلاً الاستمرار على ما هو عليه، مضيفة: «حين أخبرته زوجته بأنها لا تطيق مواصلة الحياة معه، لم ينكر ممارسته الخيانة، واضعاً إياها في الاختيار بين ترك دراستها والتفرغ له، أو استمراره في مصاحبة النساء، وكذلك الحال مع امرأة لم تكمل عاماً مع زوجها حين فوجئت بإهماله وعدم تحمله مسؤولياته، وقضائه معظم الوقت غائباً عنها وجلوسه وحيداً في الغرفة الخارجية للمنزل، حتى اكتشفت أنه يتمتع بعدد من العلاقات النسائية التي كوّنها عبر البرامج والتطبيقات الخاصة بالأجهزة الذكيّة». وبيّنت الحربان أنه في مثل هذه الحالات يسعى الاختصاصيون إلى تعزيز السلوك الإيجابي في نفس الشخص ليحل محل السلوك السلبي، مشيرة إلى أنها تطلب من المرأة عدم التسرع في الحكم على الزوج بالخيانة ما لم تتأكد منها، إذ ربما تكون مجرد شكوك مثل التي تقع بين معظم الأزواج، مضيفة: «نهتم بإرشاد المرأة إلى تطوير ذاتها، والاهتمام بممارسة الهوايات المحببة لديها، والبعد عن بؤرة التلصص على الزوج ومتابعته وتصيّد عثراته، ونرشدها إلى كيفية اختيار الوقت المناسب للتحدث إلى شريكها، من أجل التحاور الهادف المتعقل والتوصل إلى الحلول البعيدة عن الانفعالات».
وأفادت الحربان بأن أسباب الخيانة الزوجية تعود إلى عوامل عدة، مثل الرفقة السيئة وتجمعات الشبان في الاستراحات، والانفتاح على وسائل التواصل الاجتماعي من دون ضوابط، وسهولة تكوين العلاقات غير الشرعية، والتراخي من الأب والأم في تربية وتوجيه أبنائهما وبناتهما، مشددة على أهمية توعيتهم وتربيتهم دينياً، وتهيئتهم لتحمل أعباء الزواج وتقبل الشريك الآخر، محذّرة الشبان والشابات من التساهل في الوقوع في العلاقات المحرمة قبل الزواج، معتبرة أن معظم الذين يستسهلون الدخول في عالمها يصعب عليهم الخروج منها بعد أن يتزوجوا، فهي ستخلق لهم مشكلات نفسية واجتماعية وربما تهدم بيوتاً في بداية تأسيسها.
وعن نسبة الاستشارات المجانية عبر الهاتف التي يقدمها مركز الإرشاد الأسري التابع لوزارة الشؤون الاجتماعية، عن خيانات الأزواج الإلكترونية، أوضحت مديرة المركز الدكتورة رحمة الغامدي أنها بلغت 22 في المئة، مضيفة: «على رغم أن المركز لم يمضِ على إنشائه نحو سبعة أشهر، إلا أن حجم معاناة النساء من أزواجهن يدق ناقوس الخطر في المجتمع».

الحبيب:ممارسة الخيانة عبر «وسائل التواصل» تنفيس سري

< عرّف استشاري الطب النفسي الدكتور طارق الحبيب الخيانة الإلكترونية بأنها: «مصطلح افتراضي صمم ليواكب تلك الممارسات التي اقترفها البعض تحت مسمى الحرية الشخصية، وتحت مسمى الحقوق التي تجاهل الكثير أبعادها حتى صارت مجرد تجاوزات تهدد أمان العلاقات الزوجية وبالتالي الأسرية».
وأوضح أن ممارسة الخيانة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، نوع من التنفيس السري لإشباع حاجة عاطفية مفتقدة، لافتاً إلى أنها ظاهرة موجودة وبشكل ملحوظ في المجتمع، مرجعاً أسبابها إلى غياب لغة الحوار الناضج بين الزوجين وغياب العاطفة في الحياة الزوجية، ما يدفع البعض إلى البحث عنها بطرق غير سليمة.
وأفاد بأن من أسبابها أيضاً تنصّل الزوجين عن دورهما في حماية الكيان الزوجي من خلال التخلي عن الطرف الآخر، والاستغراق في الأنانية وكذلك عدم الوعي بالضوابط الشرعية، مشيراً إلى أن هناك من يستهين بالالتزامات الأخلاقية مسايرة لأوضاع اجتماعية معينة، أو لرغبات خاصة في نفس الشخص، مضيفاً: «إعطاء تفسير لأسباب الخيانة لا يبرر وجودها»، معززاً بذلك مدى استهجان وقبح الخيانة. وحول ما إذا كانت الخيانة الإلكترونية مماثلة للخيانة الواقعية، بيّن أن ممارسة الخيانة لا تقتصر على أسلوب معيّن عند من اعتبرها أسلوباً في الحياة، موضحاً: «من اعتاد ممارستها على أرض الواقع لن يرى أي عقبة في ممارستها إلكترونياً».
ونفى الحبيب أن المجتمع يغفر خيانة الرجل أو يتقبلها منه وقال: «لكن ربما أن المجتمع لم يعتد مثل تلك السلوكيات من المرأة التي غالباً ما تستقذر سماعها، فضلاً عن ممارستها»، مقترحاً حلولاً للحد من الظاهرة من خلال «تفعيل منهج المشاركة داخل الحياة الزوجية، وقيام كل طرف بدوره لإصلاح الطرف الآخر، بشرط أن يبتعدا عن الحلول الوقتية التي تتسم بالانفعالية والاندفاعية، التي تهدم ولا تبني»، مضيفاً: «خلق نشاطات مشتركة بين الزوجين للتقارب في الاهتمامات، واستحداث نقاط الالتقاء الفكري والعاطفي، يحقق لكل طرف إشباعه الذاتي الخاص»، لافتاً إلى ضرورة إتاحة الفرصة لمشاعر ورغبات الشريكين لتجد نفسها في إطار العلاقة الزوجية تحت ضابط الشرع والعرف. وشدد على مراقبة الله لحماية النفس وحماية الآخرين من تلك الممارسات غير الناضجة، وما ينتج منها من عواقب وخيمة وخسائر نفسية كبيرة على ممارسها رجلاً كان أو امرأة ثم على المحيطين به، معتبراً الخيانة حالة من التخبط غير المقبول يمارسها من افتقد الحكمة في مواجهة حاجاته ومشكلاته، ليضع نفسه في مشكلة أعمق وأكثر ضرراً.

قانوني: إجراءات تكفل حق المرأة عند التعرض للخيانة

< أوضح المحامي أحمد الجهيمي أن المرأة التي تقع ضحية خيانة زوجها وترغب في الانفصال عنه، يمكنها الاختيار بين فسخ عقد الزواج واعتباره كأن لم يكن إذا استطاعت أن تثبت هذه الخيانة، ويشترط أن تتصف الخيانة «بالفسق» وفق تقدير القاضي إذ يحتاج منه إلى نظر واجتهاد، وإلى مدى حجم هذه الخيانة، إضافة إلى إمكان الخلع، وفيه تحتاج الزوجة إلى أن تبذل مالاً لتفتدي به نفسها فقط.
وذكر أن نوع العقوبات التي يتم تطبيقها على من تثبت خيانته عقوبات تعزيرية، مضيفاً: «تعتبر الخيانة الإلكترونية من الجرائم التي فيها حق عام، إذ تكون نقطة البداية من الشرطة أو هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كي تسجل الأقوال الأولية، ثم تحال إلى هيئة التحقيق يعقبها الادعاء العام، إلى أن تنتهي بالمحكمة الجزائية المختصة بالعقوبات التعزيرية، ويتم فيها حكم القاضي على الواقعة وفق سلطة تقديرية يختص بها القاضي دون غيره، إذ يتم الحكم بالشدة أو بالتخفيف بحسب الجرم الذي وقع والأدلة المثبتة لوقوع هذه الجريمة».
وأرجع المحامي الجهيمي سبب انتشار جريمة الخيانة الزوجية إلكترونياً إلى ضعف الوازع الديني بالدرجة الأولى، إضافة إلى أسباب أخرى متنوعة ومتداخلة مع بعضها البعض، ومن أهمها الميل الفطري من الذكر إلى الأنثى، وكذلك من الأنثى إلى الذكر، وسهولة الوصول إلى الخيانة عبر وسائل التواصل بأنواعها.
وفسّر سبب النظرة الحادة للمجتمع صوب المرأة الخائنة بأن «دوافع الرجل إلى الخيانة أكبر وأشد من المرأة، لأن الرجل يميل إلى المرأة أكثر من ميل المرأة إلى الرجل»، مضيفاًً: «عندما تخون المرأة على رغم أن دافعها إلى الخيانة يقل عن الرجل هنا يكمن تجريم المجتمع لخيانتها واقترافها للذنب من هذا المبدأ، لأن القاعدة تقول كل ما زادت الدوافع ازداد الإثم»، موضحاً أن الأنثى يرتبط بها «عرض» و«شرف» الأسرة مقارنة بالرجل الذي يقتصر أداؤه أو خيانته على نفسه فقط».

سؤال: ما حكم شعر الغزل ؟



الجواب :
الحمد لله
أولا :
الشعر في أصله مباح ، فهو كلام موزون ، والأصل في الكلام الإباحة والجواز ، ولكن تجري فيه الأحكام الفقهية الخمسة بحسب موضوعه ومقصوده والغاية منه . ولذلك قال الإمام الشافعي كلمته المشهورة : " الشعر كلام ، حسنه كحسن الكلام ، وقبيحه كقبيح الكلام " انتهى .
"الأم" (6/224) ، ورويت هذه الكلمة مرفوعة مرسلة ، ورويت عن بعض السلف أيضا.

ثانيا :
لا حرج في شعر الغزل بالضوابط الآتية :
1- ألا يكون تشبيبا بامرأة معينة ، ينتهك فيها الشاعر حرمة من حرمات المسلمين ، ويعتدي على عرض مصون من أعراضهم ، فإذا كان تغزلا معروفا بامرأة معينة كان من كبائر الذنوب ، فقد قال الله عز وجل : ( وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا ) الأحزاب/58 .
2- ألا يكون من الغزل الفاحش الذي يشتمل على وصف جسد المرأة بما يثير شهوة السامع والقارئ ، أو يصف فيه الشاعر شيئا من علاقته الآثمة مع تلك المرأة ، فهذا كله من فاحش الكلام الذي جاء الإسلام لصيانة ألسنة الناس وأسماعهم عنه ، حفظا للمجتمعات من انتشار الرذيلة والافتخار بها كما هي عادة أهل الجاهلية القديمة والمعاصرة .
3- ألا يرافقه الغناء والمعازف على الطريقة المعروفة اليوم مما يعتاده أهل المعاصي والشهوات .
4- وإذا كان الشاعر يتغزل بمن يحل له التغزل بها كالزوجة : فلا حرج إذا كان الشعر محصورا بينه وبينها ولا يطلع عليه أحد ، فإذا أراد نشره فلا يجوز أن ينشر منه ما يصف فيه جمال زوجته ، فقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن تنعت المرأة المرأة لزوجها كأنه ينظر إليها ، فمن باب أولى عدم جواز نعت الرجل زوجته للسامعين .
فإذا عرفت هذه الضوابط تبين أن الكثير مما ينتشر اليوم من أشعار الغزل الفاحش ، كأشعار نزار قباني وغيره ، هو من قبيح الكلام الذي لا ينشر في المجتمعات إلا لغة الشهوة والرذيلة ، وأنه من الشعر الذي أخبر عنه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله :
 ( لأَنْ يَمْتَلِئَ جَوْفُ أَحَدِكُمْ قَيْحًا خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَمْتَلِئَ شِعْرًا ) رواه البخاري (6154) ومسلم (2257) .

قال ابن القيم رحمه الله : " غالب التغزل والتشبيب إنما هو في الصور المحرمة ، ومن أندر النادر تغزل الشاعر وتشبيبه فى امرأته وأمَته وأُمُّ ولده ، مع أن هذا واقع ، لكنه كالشعرة البيضاء في جلد الثور الأسود " انتهى.
"مدارج السالكين" (1/486) .

ثالثا :
ننقل هنا بعض نصوص الفقهاء الدالة على التفصيل السابق :
قال ابن قدامة رحمه الله : " التشبيب بامرأة بعينها والإفراط في وصفها ذكر أصحابنا أنه محرم ، وهذا إن أريد به أنه محرم على قائله فهو صحيح ، وأما على راويه فلا يصح ، فإن المغازي تروى فيها قصائد الكفار الذين هاجوا بها أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لا ينكر ذلك أحد ، وقد روي أن النبي صلى الله عليه وسلم أذن في الشعر الذي تقاولت به الشعراء في يوم بدر وأحد وغيرهما ، إلا قصيدة أمية بن أبي الصلت الحائية ، وكذلك يروى شعر قيس بن الحطيم في التشبيب بعمرة بنت رواحة أخت عبد الله بن رواحة ، وأم النعمان بن بشير ، وقد سمع النبي صلى الله عليه وسلم قصيدة كعب بن زهير ، وفيها التشبيب بسعاد ، ولم يزل الناس يروون أمثال هذا ولا ينكر ، وروينا أن النعمان بن بشير دخل مجلسا فيه رجل يغنيهم بقصيدة قيس بن الحطيم ، فلما دخل النعمان سكتوه من قبل أن فيها ذكر أمه ، فقال النعمان : دعوه ، فإنه لم يقل بأسا ، إنما قال :
وعمرة من سروات النسا ءِ تنفح بالمسك أردانها
وكان عمران بن طلحة في مجلس ، فغناهم رجل بشعر فيه ذكر أمه ، فسكتوه من أجله ، فقال : دعوه ، فإن قائل هذا الشعر كان زوجها " انتهى .
"المغني" (12/44) .

وقال الخطيب الشربيني رحمه الله – في ذكر صور من الشعر المحرم المستثنى من الجواز الأصلي - : " ( أو ) إلا أن ( يُعَرِّض ) وفي " المحرر " وغيره : يُشَبِّب ( بامرأة معينة ) غير زوجته وأمته ، وهو ذكر صفاتها من طول وقصر وصدغ وغيرها ، فيحرم ، وترد به الشهادة ، لما فيه من الإيذاء .
واحترز بالمعينة عن التشبيب بمبهمة ، فلا ترد شهادته بذلك ، كذا نص عليه ، ذكره البيهقي في سننه ، ثم استشهد بحديث كعب بن زهير وإنشاده قصيدته بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم ، ولأن التشبيب صنعته ، وغرض الشاعر تحسين الكلام ، لا تخصيص المذكور .
أما حليلته من زوجته أو أمته فلا يحرم التشبيب بها ، كما نص عليه في " الأم " ، خلافا لما بحثه الرافعي ، وهو قضية إطلاق المصنف ، ونقل في " البحر " عدم رد الشهادة عن الجمهور ، ويشترط أن لا يكثر من ذلك ، وإلا ردت شهادته ، قاله الجرجاني .
ولو شبب بزوجته أو أمته مما حقه الإخفاء ردت شهادته لسقوط مروءته ، وكذا لو وصف زوجته أو أمته بأعضائها الباطنة ، كما جرى عليه ابن المقري تبعا لأصله ، وإن نوزع في ذلك " انتهى .
"مغني المحتاج" (4/431)

وجاء في "الموسوعة الفقهية" (12/14) : " يحرم التشبيب بامرأة معينة محرمة على المشبب أو بغلام أمرد ، ولا يعرف خلاف بين الفقهاء في حرمة ذكر المثير على الفحش من الصفات الحسية والمعنوية لامرأة أجنبية محرمة عليه ، ويستوي في ذلك ذكر الصفات الظاهرة والباطنة ، لما في ذلك من الإيذاء لها ولذويها ، وهتك الستر والتشهير بمسلمة .
أما التشبب بزوجته أو جاريته فهو جائز ، ما لم يصف أعضاءها الباطنة ، أو يذكر ما من حقه الإخفاء ، فإنه يسقط مروءته ، ويكون حراما أو مكروها ، على خلاف في ذلك .
وكذا يجوز التشبيب بامرأة غير معينة ، ما لم يقل فحشا أو ينصب قرينة تدل على التعيين ؛ لأن الغرض من ذلك هو تحسين الكلام وترقيقه لا تحقيق المذكور ، فإن نصب قرينة تدل على التعيين فهو في حكم التعيين .
وليس ذكر اسم امرأة مجهولة كليلى وسعاد تعيينا ، لحديث : كعب بن زهير : وإنشاده قصيدته المشهورة " بانت سعاد . . بين يدي الرسول صلى الله عليه وسلم "

فن الحياة والتعامل مع الآخرين .. الصدق مع النفس أول


معرفة صدق الإنسان من عدمه ليس بالشيء اليسير، وهو يخضع للتجربة والممارسة المستمرة في التعامل مع الناس.
التجربة والممارسة المستمرتان تكونان من خلال مواقف مختلفة ومتنوعة يوضع فيها الشخص أمام خيارات صعبة يظهر فيها مدى تمسكه بالمبادئ والمثل على حساب مصلحته الشخصية، ومن ثم مدى صدقه مع نفسه ومع الآخرين.
ولو تأملنا مفهوم الصدق فقد نجد له معاني مختلفة، منها أن الصدق هو عكس الكذب فكل من لا يتفوه بالحقيقة التي رآها وعلى يقين منها فهو غير صادق.
ومنها أن الإنسان الصادق هو الذي لا يجامل بطريقة مبالغ فيها، ويقول ما يفكر فيه بأمانة.
وأيضًا فإن الصدق يظهر على ملامح الإنسان، فيبث الطمأنينة والراحة للآخرين بمجرد رؤيتهم له، حتى لو لم يعرفوه أو لم يتعاملوا معه كثيرًا.
والصدق غير قابل للتجزئة، فلا يكون الإنسان صادقًا مع بعض الناس وغير صادق مع الآخرين، وأيضًا فهو ثابت على مر الأيام فلا يصح أن ألتزم به اليوم وأتغاضى عنه غدًا.
وهذا يعني أن الإنسان الصادق لا يبذل مجهودًا كبيرًا في التمسك به، فهو جزء من طبيعته وخصاله.
فالصدق هنا تمتد جذوره داخل نفس الإنسان، فيكون أمينًا معها يعرف قدرها لا يبالغ فيه ولا ينقص منه، لا يلون آراءه حسب هوى الآخرين أو مناصبهم.
وهو في هذا قد يواجه مواقف صعبة تتطلب شجاعة أدبية وحنكة في التعامل، مع عدم التخلي عن قول الحقيقة.
احترام الناس
وفي الواقع فإن هذا يعود عليه باحترام الناس وتقديرهم، بالرغم من احتمال تضايقهم منه في البداية، وتكون سمعته لدى الجميع طيّبة.
الصدق لا يتمشى مع النفاق، فمن كذب في المحادثة وخان الأمانة وأخلف الوعد فهو غير صادق، مع ذلك فلا نستطيع تكوين رأي صحيح عنه إلا إذا استمر في الكذب والخيانة وعدم احترام الوعود حتى دون عذر.
ولكي نستطيع التعرف على صدق الآخرين يجب أولاً معرفة كيف نفكر؟ وهل الجميع يحكمون على الأشياء بنفس الطريقة أم لا؟ ولماذا يختلف الناس في طريقة رؤيتهم للأمور وانطباعهم عن الأشخاص.
فمن الملاحظ أن بعض الناس يكون على يقين من صدق شخص، وبعضهم الآخر يؤكد عكس ذلك.. فلماذا هذا الاختلاف؟ هذا التباين مرجعه النمط الذي يفكر به هذا أو ذاك الشخص.
* فهناك من يرى الأمور بطريقة "كل شيء أو لا شيء" أو أبيض ناصع وأسود داكن، لا يوجد عنده اللون الرصاصي أو البيج، فالناس أمامه يكونون إما ملائكة وإما شياطين.
فإذا ارتكب أحدهم غلطة واحدة معه فيكون في نظره غير صادق حتى ولو كانت تلك الغلطة هي الأولى والوحيدة طوال سنوات تعامله معه.
* وهناك من يحكم على الناس من خلال مزاجه في تلك اللحظة، فلو كان مكتئبًا أو قلقًا بسبب شيء ما، فهو لا يرى في كلام الآخرين ولا يستخلص منه إلا النواحي السلبية، وبالتالي فإنه يرى فقط الجانب غير الصادق في المتكلم أمامه. وهذا ما نسميه بطريقة الخيار في الاستنتاج.
* الأحكام القاطعة التي تصل سريعًا إلى النتائج دون تريث، ويتوهم الشخص أنه يستطيع قراءة أفكار الذي أمامه وتفسير نظراته وتصرفاته بدقة، هذه النظرة غالبًا ما يشوبها الشك في كل شيء وفي كل إنسان.
* التعميم في الحكم على الناس، فإذا صُدم في شخص ما فيكون الجميع في نظره سيئين وغير صادقين، ويعاملهم على هذا الأساس. وهو يصر في علاقاته معهم على أن يثبتوا له حسن نيتهم بالرغم من صدقهم معه.
* طريق إلصاق صفات معينة ثابتة للأشخاص، فهذا يكون الوفي وذاك يكون الخبيث، وآخر يكون الصادق، وهذه الطريقة لا يكون فيها أي مرونة أو واقعية في الحكم على الأشخاص.
المبالغة والتضخيم يوجد أيضًا نمط التفكير الذي يعتمد على المبالغة وتضخم الأشياء، فلو قابل إنسان يعامله بذوق وأدب فيكون ذلك الإنسان في نظره أحسن إنسان في العالم.
وغالبًا ما تكون تلك الصفة ـ الذوق والأدب مثلاً ـ هي التي يفتقدها في تعاملاته مع الآخرين وهي الصفة التي يحبها.
وعلى النقيض ممن يضخمون الأشياء فهناك من يقللون دائمًا من قيمة كل شيء.
فمهما فعل الإنسان الذي أمامه فيكون غير كاف وهكذا.
تلك الأنماط السابق ذكرها تختلف في درجتها من شخص لآخر، وقد توجد أنماط ثانوية بين كل الأنواع السابقة. وإذا تركنا جانبًا الأداة التي يستعملها كل منّا في الحكم على الآخرين، وهي التكوين العقلي والعاطفة اللذان يشكلان في النهاية طريقة تفكير كل منّا، وحاولنا وضع أمثلة ـ مجرد أمثلة ـ لكيفية رؤية تصرفات الآخرين لقلنا الآتي:
ـ إذا وجدنا شخصًا يتكلم كثيرًا، وينصت قليلاً لما يقوله الآخرون فقد يعكس هذا اهتمامه بنفسه أكثر من تجاوبه مع الآخرين، وقد يعكس هذا الأسلوب نفسه ـ في بعض الأحيان ـ عدم الثقة في النفس.
لذلك فإن الانطباع الذي سيؤخذ عن هذا الشخص عند استمراره في اتباع الأسلوب نفسه هو عدم الصدق. والحقيقة أنه في غالبية الأحيان يكون ذلك الشخص طيب القلب، نقي السريرة صادق العاطفة ويعبر عنها بتلقائية.
ـ عندما لا يرى الشخص واقعة معينة، ورغم ذلك يسرد تفاصيلها بدقة شديدة ويؤكد صحتها، فيصعب الوثوق فيما يقول بعد ذلك، خصوصًا لأنه لم يستعمل عبارات مثل "أعتقد" أو "أنني غير متأكد تمامًا".
ـ عندما يُكثر الشخص من القسم بصدق ما يقول، ويكون في حاجة دائمة إلى التأكيد على صحة كلامه، فهو بذلك يُعطي الانطباع بعدم الطمأنينة والأمان.
وعلى العكس من ذلك لو تعودنا سماع أقوال شخص ما دون أن يحتاج إلى تأكيدها، ويصر في تعاملاته على أن يصدقه الناس دون أي برهان أو قسم، فهذا يعني أنه حريص على كل كلمة يتفوه بها، ويتوخى الدقة والصدق فيما يقوم أو يفعل.
الصدق يظهر أيضًا في أسلوب الإنسان في التعامل مع الآخرين، سواء أكبر منه سنًا أو منصبًا أو أقل.
فإذا تعامل مع الجميع بنفس الأسلوب فيكون مدعى للتصديق عن غيره، لأنه في هذا لا يختلق شيئًا مختلفًا عن طبيعته فيخرج منه تلقائيًا لا يتلون حسب المواقف أو المناصب.
وفي النهاية فنحن لا نستطيع حصر جميع الحالات أو الادعاء بأن ما ذكر ينطبق على الجميع.
وفي تصوري أن الفيصل في الأخير يكون في التفاعل بين عاملين أساسين، وهما أولاً: قدرات الشخص العقلية وتجاربه في الحياة وطريقة نظرته للأمور، وهي التي تتفاعل مع العامل الثاني وهو الشخص الذي نتعامل معه وطريقة كلامه وتصرفاته. ويجب علينا أن نتذكر دائمًا أننا باستمرار نتأرجح بين وضع الذي يحكم على الآخرين ووضع الذي يُحكم عليه، وهذا يجب أن يجعلنا أكثر تواضعًا وأن الصدق يكون مع النفس أولاً.
المصدر



فضل ايام عشرة ذو الحجة

ومحياي 2 مع د.وليد فتيحي | الحلقة2 | #الادراك_خارج_الحس | #ومحياي2 @wam...

من أنت..؟



أنا، وأنت!..
 ذلك هو السؤال الذي قلما ننتبه إليه! والعادة أن الإنسان يحب أن يعرف كل شيء مما يدور حوله في هذه الحياة، فيسأل عن هذه وتلك، إلا سؤالا واحدا لا يخطر بباله إلا نادرا، هو "من أنا؟".

 نعم، فهل سألت يوما نفسك عن نفسك: 
من أنت؟
ولعل أهم الأسباب في إبعاد ذلك وإهماله يرجع في الغالب إلى معطى وهمي، إذ نظن أننا نعرف أنفسنا فلا حاجة إلى السؤال، تغرنا إجابات الانتماء إلى الأنساب والألقاب، وتنحرف بنا عن طلب معرفة النفس الكامنة بين أضلعنا، التي هي حقيقة "من أنا؟" و"من أنت؟" ويتم إجهاض السؤال في عالم الخواطر؛ وبذلك يبقى الإنسان أجهل الخلق بنفسه، فليس دون الأرواح إلا الأشباح! ولو أنك سألت نفسك بعقلك المجرد: من أنتِ؟ سؤالا عن حقيقتها الوجودية الكاملة لما ظفرت بجواب يشفي الغليل! وإذن تدخل في بحر من الحيرة الوجودية!
أنا وأنتَ، تلك قصة الإنسان منذ بدء الخلق إلى يوم الناس هذا.. إلى آخر مشهد من فصول الحياة في رحلة هذه الأرض، وهي قصة مثيرة ومريرة!
ذلك  القرآن، الكتاب الكوني العظيم، اقرأه وتدبر، فوراء كل كلمة منه حكمة بالغة، وسر من أسرار السماوات والأرض، وحقيقة من حقائق الحياة والمصير، ومفتاح من مفاتيح نفسك السائرة كرها نحو نهايتها. فتدبر.. إن فيه كل ما تريد. ألست تريد أن تكون من أهل الله؟ إذن عليك بالقرآن، اجعله صاحبك ورفيقك طول حياتك تكن من "أهل الله".
القرآن يعرّف الأنسان بنفسه
ولذلك أساسا كانت رسالةُ القرآن هي رسالة الله إلى الإنسان؛ لتعريفه بنفسه عسى أن يبدأ السير في طريق المعرفة بالله؛ إذْ معرفة النفس هي أول مدارج التعرف إلى الله. وليس صدفة أن يكون أول ما نزل من القرآن: ﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ﴾(العلق:1-2). ثم تواتر التعريف بالإنسان -بَعْدُ- في القرآن، في غير ما آية وسورة، من مثل قوله سبحانه: ﴿هَلْ أَتَى عَلَى الإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا * إِنَّا خَلَقْنَا الإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا * إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا﴾(الإنسان:1-3) وكذلك آيات السيماء الوجودية للإنسان، الضاربة في عمق الغيب، من قوله تعالى: ﴿ذَلِكَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ * الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الإِنْسَانِ مِنْ طِينٍ * ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلاَلَةٍ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ * ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ قَلِيلاً مَا تَشْكُرُونَ﴾(السجدة:6-9).
ومن هنا أساسا كانت قضية الشيطان -بما هو عدو للإنسان- هي إضلاله عن معالم الطريق، في سيره إلى ربه، بدءا بإتلاف العلامات والخصائص المعرِّفة بنفسه، والكاشفة له عن حقيقة هويته، وطبيعة وجوده، حتى إذا انقطعت السبل بينه وبين ربه، ألَّهَ نفسَه، وتمرد على خالقه.

الإنسان بين صراع الحق والباطل
ولم يزل الإنسان في قصة الحياة يضطرب بين تمرد وخضوع في صراع أبدي بين الحق والباطل إلى الآن. فكانت لقصته تلك عبر التاريخ مشاهدُ وفصول! وكانت له مع الشيطان ومعسكره معاركُ ضارية، فيها كَرٌّ وفَرٌّ، وإقبالٌ وإدبار! قال عز وجل حكايةً عن إبليس: ﴿قَالَ أَرَأَيْتَكَ هَذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلاَّ قَلِيلاً * قَالَ اذْهَبْ فَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزَاؤُكُمْ جَزَاءً مَوْفُورًا * وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الأَمْوَالِ وَالأَولاَدِ وَعِدْهُمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلاَّ غُرُورًا * إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ وَكَفَى بِرَبِّكَ وَكِيلاً﴾(الإسراء:62-65).
من أجل ذلك كان للإنسان في كل زمان قصة مع القرآن، وقصة مع الشيطان.
فيا حسرة عليك أيها الإنسان! هذا عمرك الفاني يتناثر كل يوم، لحظةً فلحظة، كأوراق الخريف المتهاوية على الثرى تَتْرَى! ارْقُبْ غروبَ الشمس كل يوم لتدرك كيف أن الأرض تجري بك بسرعة هائلة لتلقيك عن كاهلها بقوة عند محطتك الأخيرة! فإذا بك بعد حياة صاخبة جزءٌ حقير من ترابها وقمامتها! وتمضي الأرض في ركضها لا تبالي. تمضي جادةً غير لاهية -كما أُمِرَتْ- إلى موعدها الأخير! فكيف تحل لغز الحياة والموت؟ وكيف تفسر طلسم الوجود الذي أنت جزء منه ولكنك تجهله؟ كيف وها قد ضاعت الكتب كلها ولم يبق بين يديك سوى هذا "الكتاب"!؟
فأين تجد الهداية إذن يا ابن آدم، وأنى تجدها إن لم تجدها في القرآن؟ وأين تدرك السكينة إن لم تدركها في آياته المنصوبة -لكل نفس في نفسها- علامات ومبشرات في الطريق إلى الله؟ ﴿إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا * وَأَنَّ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا﴾(الإسراء:9-10).
نَعَم، بقي القرآن العظيم إعجازا أبديا، يحيى الموتى، ويبرئ المرضى، ويقصم قلوب الجبابرة، ويرفع هامات المستضعفين في العالمين، ويحوِّل مجرى التاريخ. وكل ذلك كان -عندما كان- بالقرآن، وبالقرآن فقط! وهو به يكون الآن، وبه يكون كلما حَلَّ الإبَّانُ من موعد التاريخ، ودورة الزمان على يد أي كان من الناس، بشرط أن يأخذه برسالته، ويتلوه حق تلاوته، وتلك هي القضية.
ماذا حدث لهؤلاء المسلمين؟ أين عقولهم؟ أين قلوبهم؟ أليس ذلك هو القرآن؟ أليس ذلك هو كلام الله؟ أليس الله رب العالمين؟ أليس الخلق -كل الخلق- عبيده طوعا أو كرها؟ ففيم التردد والاضطراب إذن؟ لماذا لا ينطلق المسلم المعاصر يشق الظلمات بنور الوحي الساطع، الخارق للأنفس والآفاق؟

حبل الله الممدود من السماء
ألم يقل الله في القرآن عن القرآن بالنص الواضح القاطع: ﴿لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللهِ وَتِلْكَ الأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ﴾(الحشر:21). فهل هذه خاصية ماتت بموت محمد رسول الله؟ أم إن معجزة القرآن باقية بكل خصائصها إلى يوم القيامة؟ ورغم أن الجواب هو من المعلوم من دين الإسلام بالضرورة لكل مسلم، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم يلقي البشرى إلى هذه الأمة نورا من الأمل الساطع الممتد إلى الأبد. فقد دخل عليه الصلاة والسلام المسجدَ يوما على أصحابه ثم قال: "أبشروا.. أبشروا..! أليس تشهدون ألا إله إلا الله وأني رسول الله؟" قالو: بلى، قال: "إن هذا القرآن سَبَبٌ، طرفُه بيد الله، وطرفه بأيديكم، فتمسكوا به، فإنكم لن تضلوا، ولن تهلكوا بعده أبداً" (رواه ابن حبان والبيهقي). ومثله أيضا قوله صلى الله عليه وسلم بصيغة أخرى: "كتاب الله هو حبل الله الممدود من السماء إلى الأرض" (رواه الطبري). تلك حقيقة القرآن الخالدة، ولكن أين من يمد يده؟
ألم يأن للمسلمين -وأهل الشأنِ الدَّعَوِي منهم خاصة- أن يلتفتوا إلى هذا القرآن؟ عجبا! ما الذي أصم هذا الإنسان عن سماع كلمات الرحمن؟ وما الذي أعماه عن مشاهدة جماله المتجلي عبر هذه الآيات والعلامات؟ أليس الله جل ثناؤه هو خالق هذا الكون الممتد من عالم الغيب إلى عالم الشهادة؟ أليس هو جل وعلا رب كل شيء ومليكه، الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى؟ أوَليس الله هو مالك الملك والملكوت، ذو العزة والجبروت؟ لا شيء يكون إلا بأمره، ولا شيء يكون إلا بعلمه وإذنه!؟ أوَليس الخلق كلهم أجمعون مقهورين تحت إرادته وسلطانه؟ فمن ذا قدير على إيقاف دوران الأرض؟ ومن ذا قدير على تغيير نُظُم الأفلاك في السماء من بعد ما سوَّاها الله على قدر موزون؟ ﴿فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ﴾(فصلت:11)، ومن ذا مِنَ الشيوخ المعمَّرين قديرٌ على دفع الهرم إذا دب إلى جسده، أو منع الوَهَنِ أن ينخر عظمه، ويجعد جلده؟ ويحاول الإنسان أن يصارع الهرم والموت، ولكن هيهات هيهات!
كَنَاطِحٍ صَخْرَةً يَوْماً لِيُوهِنَهَا فَلَمْ يَضِرْهَا وَأَوْهَى قَرْنَهُ الوَعِلُ
الموت والفناء هو اليقينية الكونية المشتركة بين جميع الخلق، كافرهم ومؤمنهم.

البعث القرآني
يولد الإنسان يوما ما، وبمجرد التقاط نفَسِه الأول من هواء الدنيا يبدأ عمره في عَدٍّ عَكْسِي نحو موعد الرحيل، فكان البدءُ هو آية الختام. هكذا يولد الإنسان وبعد ومضة من زمن الأرض تكون وفاته، ﴿كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلاَلِ وَالإِكْرَامِ﴾(الرحمن:26-27).
ذلك هو الله رب العالمين، يرسل رسالته إلى هذا الإنسان العبد، فيكلمه وحيا بهذا القرآن، ويأبى أكثرُ الناس إلا تمردا وكفورا. فوا أسفاه على هذا الإنسان، ويا عجبا من أمر هؤلاء المسلمين، كأن الكتاب لا يعنيهم، وكأن الرسول لم يكن فيهم، ﴿يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ﴾(يس:30).
إن هذا القرآن هو الروح الذي نفخه الله في عرب الجاهلية، فأخرج منهم خير أمة أخرجت للناس، وانبعثوا بروح القرآن من رماد الموت الحضاري طيورا حية تحلق في الآفاق، وخرجوا من ظلمات الجهل ومتاهات العمى أدِلاَّءَ على الله، يُبْصِرون بنور الله ويُبَصِّرون العالم الضال حقائق الحياة! ذلك هو سر القرآن، الروح الرباني العظيم، لا يزال هو هو، روحا ينفخ الحياة في الموتى من النفوس والمجتمعات، فتحيا من جديد. وتلك حقيقة من أضخم حقائق القرآن المجيد، قال جل ثناؤه: ﴿وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلاَ الإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ * صِرَاطِ اللهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ أَلاَ إِلَى اللهِ تَصِيرُ الأُمُورُ﴾(الشورى:52-53).

مسؤولية الإنسان الوجودية
من أنت؟ تلك قصة النبأ العظيم، نبأ الوجود الضخم الرهيب، من البدء إلى المصير، النبأ الذي جاءت به النُّذُرُ من الآيات: ﴿وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ فَإِذَا هِيَ شَاخِصَةٌ أَبْصَارُ الَّذِينَ كَفَرُوا يَا وَيْلَنَا قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا بَلْ كُنَّا ظَالِمِينَ﴾(الأنبياء:97). وقريبا جدا -واحسرتاه!- تنفجر به الأرض والسماوات، ﴿يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ﴾(الأنبياء:104).
ذلكم هو النذير القرآني الرهيب! ولقد أعذر من أنذر! وما بقي لمن بلغه النبأ العظيم من محيص، إلا أن يتحمل مسؤوليته الوجودية، ويتخذ القرار، قرارا واحدا من بين احتمالين اثنين، لا ثالث لهما: النور أو العَمَى، وما أنزل الله القرآن إذْ أنزله إلا لهذا، ولقد صَرَّفَه على مدى ثلاث وعشرين سنة، آيةً آيةً، كل آية في ذاتها هي بصيرة للمستبصرين الذين شَاقَهُم نورُ الحق فبحثوا عنه رَغَباً ورَهَباً عسى أن يكونوا من المهتدين. وبقي القرآن بهذا التحدي الاستبصاري يخاطب العُمْيَ من كل جيل بشري، قال الحقُّ جل وعلا: ﴿قَدْ جَاءَكُمْ بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْهَا وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ﴾(الأنعام:104).
من أجل ذلك؛ نرجع آئبين إلى رسالة الله، نقرؤها من جديد، نستغفره تعالى على ما فرطنا وقصرنا، قدوتنا في هذه السبيل رسول الله صلى الله عليه وسلم بسنته الزكية التي لم تكن في كل تجلياتها النبوية -قولا وفعلا وتقريرا- إلا تفسيرا للقرآن العظيم. وكفى بكلمة عائشة أم المؤمنين في وصفه عليه الصلاة والسلام لما سئلت عن خُلُقِه صلى الله عليه وسلم فقالت بعبارتها الجامعة المانعة: "كان خُلُقُه القرآن" (رواه مسلم). ولقد ضل وخاب من عزل السنة عن الكتاب.

التّمسيك بالكتاب وإقامُ الصلاة
نرجع إذن إلى القرآن، نحمل رسالته إن شاء الله -كما أمر الله- نخوض بها تحديات العصر، يحدونا اليقين التام بأن لا إصلاح إلا بالصلاح، وأن لا ربانية إلا بالجمع بينهما، وأن لا إمكان لكل ذلك -صلاحاً وإصلاحاً وربانيةً- إلا بالقرآن المجيد. وهو قول الحق -جل ثناؤه- في آية عجيبة، آية ذات علامات -لمن يقرأ العلامات- ولكل علامة هدايات. قال تعالى ذِكْرُه: ﴿وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتَابِ وَأَقَامُوا الصَّلاَةَ إِنَّا لاَ نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ﴾(الأعراف:170) التَّمْسِيكُ بالكتاب، وإقامُ الصلاة أمران كفيلان برفع المسلم إلى منـزلة المصلحين، هكذا: ﴿إِنَّا لاَ نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ﴾. وإن تلك لآية، ومثلها قوله تعالى: ﴿وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ﴾(آل عمران:79). وقد قُرِئَتْ: ﴿تَعْلَمُونَ الْكِتَابَ﴾ و﴿تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ﴾ للجمع بين وظيفتي التَّعَلُّم والتعليم، والصلاح والإصلاح، إذْ بذلك يكون التدارس لآيات القرآن العظيم، بما هي علامات دالة على الله، وراسمة لطريق التعرف إليه جل وعلا، في الأنفس والآفاق. وتلك هي السبيل الأساس للربانية، كما هو واضح من دلالة الحصر المستفادة من الاستدراك في الآية: ﴿وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ﴾.

مفهوم القرآن
ولنسأل الآن ما القرآن؟ ما هذا الكتاب الذي هز العالم كله، بل الكون كله..؟ أجمع العلماء في تعريفهم للقرآن على أنه "كلام الله"، واختلفوا بعد ذلك في خصائص التعريف ولوازمه، ولا نقول في ذلك إلا بما قال به أهل الحق من السلف الصالح. وإنما المهم عندنا الآن ههنا بيان هذا الأصل المجمع عليه بين المسلمين: "القرآن كلام الله". هذه حقيقة عظمى، ولكن لو تدبرت قليلا..
الله جل جلاله خالق الكون كله.. هل تستطيع أن تستوعب بخيالك امتداد هذا الكون في الآفاق؟ طبعا لا أحد له القدرة على ذلك إلا خالق الكون سبحانه وتعالى. فالامتداد الذي ينتشر عبر الكون مجهول الحدود، مستحيل الحصر على العقل البشري المحدود. هذه الأرض وأسرارها، وتلك الفضاءات وطبقاتها، وتلك النجوم والكواكب وأفلاكها، وتلك السماء وأبراجها، ثم تلك السماوات السبع وأطباقها... إنه لضرب في غيب رهيب لا تحصره ولا ملايين السنوات الضوئية. أين أنت الآن؟ اسأل نفسك.. أنت هنا في ذرة صغيرة جدا، تائهة في فضاء السماء الدنيا، الأرض. وربك الذي خلقك، وخلق كل شيء، هو محيط بكل شيء قدرة وعلما.. هذا الرب الجليل العظيم، قدَّر برحمته أن يكلمك أنت، أيها الإنسان، فكلمك بالقرآن.. كلام الله رب العالمين. أوَ تدري ما تسمع؟ الله ذو الجلال رب الكون يكلمك ﴿فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى﴾(طه:13). أيّ وجدان وأيّ قلب يتدبر هذه الحقيقة العظمى فلا يخر ساجدا لله الواحد القهار رغبا ورهبا؟ اللهم إلا إذا كان صخرا أو حجرا. كيف، وها الصخر والحجر من أخشع الخلق لله؟ ﴿لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللهِ وَتِلْكَ الأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ﴾ (الحشر:21)، وهي أمثال حقيقة لا مجاز، ألم تقرأ قول الله تعالى في حق داود عليه السلام: ﴿إِنَّا سَخَّرْنَا الْجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِالْعَشِيِّ وَالإِشْرَاقِ * وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً كُلٌّ لَهُ أَوَّابٌ﴾(ص:18-19)، وقوله تعالى: ﴿فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ﴾(الأعراف:143).
كلام الله هو كلام رب الكون، وإذا تكلم سبحانه تكلم من عل، أي من فوق، لأنه العلي العظيم سبحانه وتعالى، فوق كل شيء، محيط بكل شيء علما وقدرة. إنه رب الكون.. فتدبر: ﴿أَلاَ إِنَّهُمْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقَاءِ رَبِّهِمْ أَلاَ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطٌ﴾(فصلت:54). ومن هنا جاء القرآن محيطا بالكون كله، متحدثا عن كثير من عجائبه. قال تعالى في سياق الكلام عن عظمة القرآن: ﴿فَلاَ أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ * وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ * إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ * فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ * لاَ يَمَسُّهُ إِلاَّ الْمُطَهَّرُونَ * تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ * أَفَبِهَذَا الْحَدِيثِ أَنْتُمْ مُدْهِنُونَ * وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ﴾(الواقعة:75-82). سبحانك ربنا ولا بأي من آياتك نكذب.

تالي القرآن متصل ببحر الغيب
ذلك هو القرآن.. كلام من أحاط بمواقع النجوم خلقا، وأمرا، وعلما، وقدرة، وإبداعا. فجاء كتابه بثقل ذلك كله، أنزله على محمد صلى الله عليه وسلم، من بعدما هيأه لذلك، وصنعه على عينه سبحانه جل وعلا، فقال له: ﴿إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلاً ثَقِيلاً﴾(المزمل:5). ومن هنا لما كذب الكفار بالقرآن، نعى الله عليهم ضآلة تفكيرهم، وقصور إدراكهم، وضعف بصرهم عن أن يستوعبوا بعده الكوني الضارب في بحار الغيب، فقال تعالى: ﴿وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلاً * قُلْ أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا﴾(الفرقان:5-6). وإنه لرد عميق جدا. ومن هنا جاء متحدثا عن كثير من السر في السماوات والأرض. قال عز وجل: ﴿وَلَقَدْ صَرَّفْنَا فِي هَذَا الْقُرْآنِ لِلنَّاسِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ وَكَانَ الإِنْسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلاً﴾(الكهف:54). وقال: ﴿سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ * أَلاَ إِنَّهُمْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقَاءِ رَبِّهِمْ أَلاَ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطٌ﴾(فصلت:53-54).
فليس عجبا أن يكون تالي القرآن متصلا ببحر الغيب، ومأجورا بميزان الغيب، بكل حرف حسنة والحسنة بعشر أمثالها، والحرف إنما هو وحدة صوتية لا معنى لها في اللغة، نعم في اللغة، أما في القرآن فالحرف له معنى، ليس بالمعنى الباطني المنحرف، ولكن بالمعنى الرباني المستقيم. أوَ ليس هذا الحرف القرآني قد تكلم به الله؟ إذن يكفيه ذلك دلالة وأيّ دلالة، ويكفيه ذلك عظمة وأيّ عظمة. فعن ابن مسعود رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من قرأ حرفا من كتاب اللَّه فله حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول "ألم" حرف، ولكن ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف" (رواه الترمذي).
ولذلك كان لقارئ القرآن ما وعده الله إياه من رفيع المنازل في الجنان العالية، وما أسبغ عليه من حلل الجمال. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يقال لصاحب القرآن: اقرأ وَارْقَ، ورَتِّلْ كما كنت ترتل في دار الدنيا، فإن منـزلتك عند آخر آية كنت تقرؤها"(رواه أحمد والترمذي)، وقال أيضا: "يجيء القرآن يوم القيامة فيقول: يا رب، حَلِّهِ، فيُلْبَسُ تاجَ الكرامة، ثم يقول: يا رب زِدْهُ، فيُلْبَسُ حُلَّةَ الكرامة، ثم يقول: يا رب اِرْضَ عنه، فيرضى عنه، فيقول: اِقرأ، وَارْقَ، ويُزَادُ بكل آية حسنة" (رواه الترمذي)، ﴿ذَلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ﴾(الجمعة:4).
لم يزل الإنسان في قصة الحياة يضطرب بين تمرد وخضوع في صراع أبدي بين الحق والباطل إلى الآن. فكانت لقصته تلك عبر التاريخ مشاهدُ وفصول! وكانت له مع الشيطان ومعسكره معاركُ ضارية، فيها كَرٌّ وفَرٌّ، وإقبالٌ وإدبار!.
إنه تعالى تكلم، وهو سبحانه وتعالى متكلم، سميع، بصير، عليم، خبير، له الأسماء الحسنى والصفات العلى، نثبتها كما أثبتها السلف، بلا تأويل ولا تعطيل ولا تشبيه. لقد تكلم عز وجل، وكان القرآن من كلامه الذي خص به هذه الأمة المشرفة، أمة محمد عليه الصلاة والسلام. فكان صلة بين العباد وربهم، صلة متينة، مثل الحبل الممدود من السماء إلى الأرض، طرفه الأعلى بيد الله، وطرفه الأدنى بيد من أخذ به من الصالحين. قال صلى الله عليه وسلم في خصوص هذا المعنى من حديث سبق: "كتاب الله هو حبل الله الممدود من السماء إلى الأرض". وقال في مثل ذلك أيضا: "أبشروا.. فإن هذا القرآن طرفه بيد الله و طرفه بأيديكم، فتمسكوا به، فإنكم لن تهلكوا، و لن تضلوا بعده أبدا" (رواه الطبراني). وروي بصيغة أخرى صحيحة أيضا فيها زيادة ألطف، قال صلى الله عليه وسلم: "أبشروا.. أبشروا.. أليس تشهدون أن لا إله إلا الله وأني رسول الله؟" قالوا: بلى، قال: "فإن هذا القرآن سبب، طرفه بيد الله وطرفه بأيديكم، فتمسكوا به، فإنكم لن تضلوا، ولن تهلكوا بعده أبدا".

أهل القرآن هم أهل الله
هي الرسالة وصلت من رب العالمين إليك أيها الإنسان، فاحذر أن تظنك غير معني بها في خاصة نفسك، أو أنك واحد من ملايير البشر، لا يُدْرَى لك موقع من بينهم، كلا، كلا! إنه خطاب رب الكون، فيه كل خصائص الكلام الرباني، من كمال وجلال، أعني أن الله يخاطب به الكل والجزء في وقت واحد، ويحصي شعور الفرد والجماعة في وقت واحد، ﴿قُلْ إِنْ تُخْفُوا مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللهُ وَيَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَاللهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾(آل عمران:29) سبحانه جل جلاله، لا يشغله هذا عن ذاك، وإلا فما معنى الربوبية وكمالها؟ تماما كما أنه قدير على إجابة كل داع، وكل مستغيث، من جميع أصناف الخلق، فوق الأرض وتحت الأرض، وفي لجج البحر، وتحت طبقاته، وفي مدارات السماء... إلخ. كل ذلك في وقت واحد -وهو تعالى فوق الزمان والمكان- لا يشغله شيء عن شيء، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، فبذلك المنطق نفسه أنت إذ تقرأ القرآن تجد أنه يخاطبك أنت بالذات، وكأنه لا يخاطب أحدا سواك. احذر أن تخطئ هذا المعنى.. تذكر أنه كلام الله، وتدبر.. ثم أبصر!
قال جل جلاله: ﴿أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا﴾(محمد:24). فتدبر..! ذلك هو القرآن، الكتاب الكوني العظيم، اقرأه وتدبر، فوراء كل كلمة منه حكمة بالغة، وسر من أسرار السماوات والأرض، وحقيقة من حقائق الحياة والمصير، ومفتاح من مفاتيح نفسك السائرة كرها نحو نهايتها. فتدبر.. إن فيه كل ما تريد. ألست تريد أن تكون من أهل الله؟ إذن عليك بالقرآن، اجعله صاحبك ورفيقك طول حياتك تكن من "أهل الله" كما في التعبير النبوي الصحيح. قال عليه الصلاة والسلام: "إن لله تعالى أهلين من الناس، أهل القرآن هم أهل الله، وخاصته‌" (رواه أحمد والنسائي وابن ماجه).
يا روحنا المحزون، يا دفين الليل،
يا مطوياً بين الظلمات،
متى تشقُّ الأكفانَ،
ومن سحيق الهوَّاتِ تنبعث؟
ونجماً في سماء الشوق تتلألأ وتنير...